الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد:
في قول موسى لربه { أرني أنظر إليك }، وتفسير النافين لها بأن موسى طلب رؤية الله رؤية عينية بقوله { أنظر إليك } دليل على صحة تفسيرنا لقوله تعالى { إلى ربها ناظرة } بأنه النظر المعروف بالعين.
لأن أهل البدع بأنفسهم يفسِّرون قول موسى لربه { أنظر إليك }. بأنه النظرُ بالعينين، ثم يزعمون أن الله نفاه نهائيا بقوله { لن تراني }.
والحق أن هذا النفيَّ مخصوصٌ بالدنيا فقط ؛ لأن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: [ إنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا ].
ولكن بما أنهم يفسِّرون قوله تعالى { أنظر إليك } بأنه النظر المعروف بالعين، فكذلك صاروا مُلْزَمِين بتفسير قوله تعالى { إلى ربها ناظرة } بالرؤية العينية أيضًا.
فالنظر في الحالتين عُدِّيَ بـ إلى، والنظر إذا تعدى بإلى فالعرب لا تعرف منه إلا الرؤية العينية.
فانظر إلى تلاعُب أهل البدع وأصحاب الأهواء كيف يتعاملون مع صريح آيات القرآن الكريم !!
ويكفي المؤمن أن يعلم أن أحاديثَ رؤيةِ اللهِ في الجنة متواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
• قال الذهبي:
[ وَأَمَّا رُؤْيَةُ اللهِ عِيَاناً فِي الآخِرَةِ: فَأَمْرٌ مُتَيَقَّنٌ، تَوَاتَرَتْ بِهِ النُّصُوْصُ، جَمَعَ أَحَادِيْثَهَا: الدَّارَقُطْنِيُّ، وَالبَيْهَقِيُّ، وَغَيْرُهُمَا ].
سير أعلام النبلاء للذهبي ج2 ص167، ط مؤسسة الرسالة – بيروت.
• قال النووي:
[ اعْلَمْ أَنَّ مَذْهَبَ أَهْلِ السُّنَّةِ بِأَجْمَعِهِمْ أَنَّ رُؤْيَةَ اللَّهِ تَعَالَى مُمْكِنَةٌ غَيْرُ مُسْتَحِيلَةٍ عَقْلًا وَأَجْمَعُوا أَيْضًا عَلَى وُقُوعِهَا فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَرَوْنَ اللَّهَ تَعَالَى دُونَ الْكَافِرِينَ وَزَعَمَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ الْمُعْتَزِلَةُ وَالْخَوَارِجُ وَبَعْضُ الْمُرْجِئَةِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَرَاهُ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِهِ وَأَنَّ رُؤْيَتَهُ مُسْتَحِيلَةٌ عَقْلًا وَهَذَا الَّذِي قَالُوهُ خَطَأٌ صَرِيحٌ وَجَهْلٌ قَبِيحٌ وَقَدْ تَظَاهَرَتْ أَدِلَّةُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ سَلَفِ الْأُمَّةِ عَلَى إِثْبَاتِ رُؤْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْآخِرَةِ لِلْمُؤْمِنَيْنِ وَرَوَاهَا نَحْوٌ مِنْ عِشْرِينَ صَحَابِيًّا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآيَاتُ الْقُرْآنِ فِيهَا مَشْهُورَةٌ وَاعْتِرَاضَاتُ الْمُبْتَدِعَةِ عَلَيْهَا لَهَا أَجْوِبَةٌ مَشْهُورَةٌ فِي كُتُبِ الْمُتَكَلِّمِينَ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَكَذَلِكَ بَاقِي شُبَهِهِمْ ].
شرح صحيح مسلم للنووي ج3 ص15، ط مؤسسة قرطبة
• قال ابن حجر العسقلاني:
[ وَتَوَاتَرَتِ الْأَخْبَارُ النَّبَوِيَّةُ بِوُقُوعِ هَذِهِ الرُّؤْيَةِ لِلْمُؤْمِنِينَ فِي الْآخِرَةِ وَبِإِكْرَامِهِمْ بِهَا فِي الْجَنَّةِ وَلَا اسْتِحَالَةَ فِيهَا فَوَجَبَ الْإِيمَانُ بِهَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقِ ].
فتح الباري لابن حجر ج8 ص302، ط دار المعرفة – بيروت.
فعلى مَنْ يَدَّعِي أنه من أهل السنة أن يلتزم بما أجمع عليه أهل السنة !
وبالله التوفيق ،،،،
أبو عمر الباحث
غفر الله له ولوالديه
قال تعالى .لن تراني ّّّّ
النفي التابيدي
قال تعالى .. لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار.
قال تعالى.. ليس كمثله شيء.
كيف سنراه وهو لا شيء يشبهه ولا شيء مثله
Lenovo TAB3 7 Essential
زعمك أن قوله تعالى { لن تراني } نفي للتأبيد غير صحيح ، والكلام في دين الله لا يكون بغير علم بارك الله فيك.
وهذا الاستدلال غيرُ صحيحٍ، لأن ( لن ) هنا ليست على التأبيد المطلق.
ولو عُدْنَا لأهل اللغة وأربابها في بيان معنى حرف ( لن ) فلن نختلف إن شاء الله.
وحينما يتكلم أهلُ التخصص في تخصصهم وفَنِّهِمْ فليس لغيرهم أن يتكلم.
فيقول الإمامُ ابنُ مالك في شرح الكافية الشافية:
ومن رأى النفي بـ ( لن ) مؤبدًا ** فقولَه ارْدُدْ، وَسِوَاهُ فَاعْضُدَا.
شرح الكافية الشافية ج3 ص1515 ط جامعة مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي كلية الشريعة والدراسات الإسلامية – مكة المكرمة.
فيوصيك الإمامُ ابنُ مالك أنْ تردَّ وترفضَ قولَ مَنْ يقول إِنَّ ( لَنْ ) تفيد التأبيد المطلق، كما يوصيك أن تأخذَ بغير هذا القول، واعضدْ عليه بأسنانك.
وعليه يظهر أن قولك قولٌ خاطئٌ لا تؤيده اللغة أو الأدلة الشرعية !
ثم إن الله تعالى لم يقل [ أنا لا أُرَى ] بل قال لموسى { لن تراني }.
وفي قول موسى لربه { أرني أنظر إليك } وتفسير أهل البدع أن موسى طلب رؤية الله بقوله { أنظر إليك } دليل على صحة تفسيرنا لقوله تعالى { إلى ربها ناظرة }.
لأن أهل البدع بأنفسهم يفسرون قول موسى لربه { أنظر إليك }. بأنه النظر بالعينين، ثم يزعمون أن الله نفاه نهائيا بقوله { لن تراني }.
فإذا كنتم فَسَّرْتُم بأنفسكم قولَ موسى { أنظر إليك } بأنه طَلَبَ رؤيةَ الله تعالى بالعينين، فيكون تفسيرُنا لقوله تعالى { إلى ربها ناظرة } تفسيرا صحيحا بحسب فَهمكم لقول موسى بأن المقصود هو رؤية المؤمنين ربهم.
ثم أقول: هل سأل سيدُنا موسى عليه الصلاة السلام رَبَّه شيئًا مستحيلًا عليه سبحانه وتعالى؟! إنْ قلتَ نعم، فقد أسأتَ إلى نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام.
وإنْ قلتَ لا, فهذا ما نقوله، لأن موسى طلب شيئا مباحًا، لكن إباحته وجوازه مُقَيَّدٌ بالآخرة, وليس في الدنيا، إذْ أَنَّ البشرَ لا يَتحمَّلُون رؤية الله في الدنيا لأنهم غيرُ مُهَيَّئِينَ لذلك.
أما عن كيفية الرؤية فإن الله يهيئ المؤمنين في الجنة لرؤيته ، وقد أجاب الرسول صلى الله عليه وسلم عن سؤالك منذ أكثر من 14 قرنًا من الزمان فعن أبي هريرة أن ناساً قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “هل تضامون في رؤية القمر ليلة البدر” ؟ قالوا: لا يا رسول الله قال “هل تضامون في رؤية الشمس ليس دونها سحاب؟” قالوا: لا يا رسول الله. قال: “فإنكم ترونه كذلك ” رواه الشيخان.